: " إذا كانت صيحة في رمضان فإنه يكون معمعة في شوال .. قلنا : وما الصيحة يا رسول الله ؟

:ظهر المهدي وبويع له في المحرم يوم عاشوراء .
وسأذكر طرفاً من الآثار الواردة بهذا الشأن وهي كثيرة :
روى نعيم بن حماد بسنده أن رسول الله  قال : " في رمضان آية في السماء كعمود ساطع، وفي شوال البلاء، وفي ذي القعدة الفناء، وفي ذي الحجة ينتهب الحاج، والمُحرّم ما المُحرّم " 
 " يكون
 صوت في رمضان، ومعمعة في شوال وفي ذي القعدة تجاذب القبائل، وعامئذٍ ينتهب الحاج وتكون ملحمة عظيمة بمنى يكثر فيها القتلى وتسيل فيها الدماء وهم على جمرة العقبة " .
وقال : " إذا كانت صيحة في رمضان فإنه يكون معمعة في شوال .. قلنا : وما الصيحة يا رسول الله ؟ قال : هَدّة في النصف من رمضان ليلة جمعة فتكون هدة توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج العواتق من خدورهن في ليلة جمعة في سنة كثيرة الزلازل، فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة فادخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كُواكم ودثِّروا أنفسكم وسُدّوا آذانكم فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجداً وقولوا :
سبحان القدوس، سبحان القدوس، ربنا القدوس فإنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل ذلك هلك" . (*)
وهذا الأثر الأخير من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يعلمنا كيف التصرف عند سماع الهدة العظيمة، فما هو يا ترى سبب هذه الهدة ؟ هل هو انفجار نووي أم ارتطام بعض النيازك بالأرض أم ماذا ؟؟ الله أعلم .
وقال محمد بن علي : " إن لمهدينا آيتين لم يكونا منذ خلق الله السموات والأرض، ينكسف القمر في منتصف رمضان وتنكسف الشمس في آخره ولم يكونا منذ خلق الله السموات والأرض " . (أخرجه الدارقطني في سننه ) .
كيف تتم بيعة المهدي ؟
المهدي رجل صالح ولذلك يكره الإمام ويزهد في الرئاسة، وهذا لعمر الله آخر شيء يخرج من رؤوس الأبرار، فإن الرئاسة لها بريق إلا أن المهدي زاهد فيها بل كاره لها، ولكن الله تعالى يصلحه في ليلة ويقدر عليه أن يقبل البيعة بالخلافة لأمر عظيم ينتظر الأمة، إنها الحروب الشديدة المتلاحمة المتتالية، وقد كان المهدي مصيباً إذا كان زاهداً في الإمارة إذ إنه ما إن يتولاها حتى يخوض غمار نحو عشرة حروب في بضع سنوات هي مدة استخلافه قبل أن يلقى ربه، يعني أنها كانت كلها حروباً لا راحة فيها ولا هدنة .
وتكون بيعته كما قلت في المحرم بعد البلابل والمعامع والفتن التي ذكرتها والتي تكون في رمضان إلى المحرم. وذلك أن نفراً من العلماء يطلبونه فيجدونه بعد طول بحث عنه عند الكعبة في موسم الحج فيطلبون منه أن يقعد ليبايعوه فيأبى ويهرب منهم إلى المدينة فيطلبونه هناك فيهرب منهم ثانية إلى مكة فيدركونه عند الكعبة فيأمرونه أمراً ويحملونه قسراً على قبول البيعة لأنهم علماء عرفوه بصفته ونعته الذي نعته به رسول الله  فلا يجد المهدي بداً من الجلوس بين الركن والمقام فيمد يده للمبايعة على الأمر الجلل .
ونورد نص الأثر الذي أورده نعيم بن حماد في هذا الأمر :
فقد ساق بسنده عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : " إذا انقطعت التجارات والطرق، وكثرت الفتن، خرج سبعة رجال علماء من أُفق شتى على غير ميعاد، يبايع لكل رجل منهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً حتى يجتمعوا بمكة فيلتقي السبعة فيقول بعضهم لبعض : ما جاء بكم ؟ فيقولون: جئنا في طلب هذا الرجل الذي ينبغي أن تهدأ على يديه هذه الفتن، وتفتح له القسطنطينية قد عرفناه باسمه واسم أبيه وأمه وحليته، فيتفق السبعة على ذلك فيطلبونه فيصيبونه بمكة فيقولون له : أنت فلان بن فلان ؟ فيقول : بل أنا رجل من الأنصار، حتى يفلت منهم، فيصفونه لأهل الخبرة والمعرفة به، فيقال: هو صاحبكم الذي تطلبونه وقد لحق بالمدينة، فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة، فيطلبونه بمكة فيصيبونه فيقولون : أنت فلان بن فلان وأمك فلانة بنت فلان وفيك آية كذا وكذا، وقد أفلت منا مرة فَمدّ يدك نبايعك فيقول : لست بصاحبكم أنا فلان بن فلان الأنصاري حتى يفلت منهم فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة فيصيبونه بمكة عند الركن ( الحجر الأسود )، فيقولون : إثمنا عليك ودماؤنا في عنقك إن لم تمد يدك نبايعك، هذا عسكر السفياني قد توجّه في طلبنا، فيجلس بين الركن والمقام فيمد يده فيبايع له ويلقى الله محبته في صدور الناس، فيسير مع قوم أسد بالنهار رهبان بالليل".(1)
وفي رواية أخرى : " .. فيبايعه مثل عدة أهل بدر (ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا)، ولعلها أصح من الرواية المذكورة أنه يبايع لكل رجل من السبعة ثلاثمائة، وبضعة عشر رجلاً، وذلك لكثرة طرقها (فقد رواها : نعيم والحاكم والطبراني في الأوسط عن أم سلمة ) فيكون وراء السبعة نفر من العلماء الذي يبايعون المهدي عدد من الرجال الذين يعرفونه وينتظرونه يكون مجموعهم جميعاً كعدة أهل بدر، ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً .
وفي رواية : " .. فيأتونه وهو ملصق وجهه إلى الكعبة يبكي، قال عبدالله بن عمرو راوي الحديث : كأني أنظر إلى دموعه " وفي رواية : "ترعد فرائصه".
فهو يبكي على حال المسلمين وما هم فيه من فتن خاصة وإن الدماء التي سالت على جمرة العقبة لا تزال صورتها عالقة بذهنه تطارد خياله وتؤرق مضجعه فلا يدري ماذا يفعل فينخرط في بكاء شديد ويسلم عينيه للدموع فتنهمر بغزارة ويخلى بين صدره وبين أحزانه وهمومه فترتعد فرائصه وترجف بوادره ولكن قلبه لا يزال موصولاً بربه تعالى متعلقاً بجنابه آملاً في فرجه القريب ولذلك صمد إلى الكعبة وتعلق بأستارها وأهدابها وراح في بكاء عميق وكأني بنشيج بكائه ينشد قائلاً :
سُتورُ بيتــك نَيْلُ الأمْــن منْك وَقَــدْ
عَلَقْتُهــا مُستَجِيـرًا أَيُّهـــا البَـارِي 



تعليقات