معجزة القرآن اكتشاف الرياضية! يجب أن نرى



تفسير اّلايات 11 _15 من سورة البقرة...


قال الله تعالى :إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11)

أي: إذا نهى هؤلاء المنافقون عن الإفساد في الأرض, وهو العمل بالكفر.
والمعاصي, ومنه إظهار سرائر المؤمنون لعدوهم وموالاتهم للكافرين
قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
.
فجمعوا بين العمل بالفساد في الأرض, وإظهار أنه ليس بإفساد بل هو إصلاح, قلبا للحقائق, وجمعا بين فعل الباطل واعتقاده حقا.
وهؤلاء أعظم جناية ممن يعمل بالمعاصي, مع اعتقاد تحريمها, فهذا أقرب للسلامة, وأرجى لرجوعه.
ولما كان في قولهم
إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
حصر للإصلاح في جانبهم - وفي ضمنه أن المؤمنين ليسوا من أهل الإصلاح - قلب الله عليهم دعواهم بقوله:



أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12)

فإنه لا أعظم إفسادا ممن كفر بآيات الله, وصد عن سبيل الله وخادع الله وأولياءه, ووالى المحاربين لله ورسوله, وزعم - مع هذا - أن هذا إصلاح, فهل بعد هذا الفساد فساد؟!! ولكن لا يعلمون علما ينفعهم, وإن كانوا قد علموا بذلك علما تقوم به عليهم حجة الله.
وإنما كان العمل في الأرض إفسادا, لأنه سبب لفساد ما على وجه الأرض من الحبوب والثمار والأشجار, والنبات, لما يحصل فيها من الآفات التي سببها المعاصي.
ولأن الإصلاح في الأرض, أن تعمر بطاعة الله والإيمان به, لهذا خلق الله الخلق, وأسكنهم الأرض, وأدر علهيم الأرزاق, ليستعينوا بها على طاعته وعبادته.
فإذا عمل فيها بضده, كان سعيا فيها بالفساد, وإخرابا لها عما خلقت له.


وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ (13)

أي: إذا قيل للمنافقين: آمنوا كما آمن الناس, أي: كإيمان الصحابة 4 وهو الإيمان بالقلب واللسان, قالوا - بزعمهم الباطل -: أنؤمن كما آمن السفهاء؟.
يعنون - قبحهم الله - الصحابة 4, لزعمهم أن سفههم, أوجب لهم الإيمان, وترك الأوطان, ومعاداة الكفار.
والعقل عندهم يقتضي ضد ذلك, فنسبوهم إلى السفه; وفي ضمن ذلك, أنهم هم العقلاء أرباب الحجى والنهي.
فرد الله ذلك عليهم, وأخبر أنهم, هم السفهاء على الحقيقة, لأن حقيقة السفه, جهل الإنسان بمصالح نفسه, وسعيه فيما يضرها, وهذه الصفة منطبقة عليهم.
كما أن العقل والحجا, معرفة الإنسان بمصالح نفسه, والسعي فيما ينفعه, وفي دفع ما يضره.
وهذه الصفة, منطبقة على الصحابة والمؤمنين.
فالعبرة بالأوصاف والبرهان, لا بالدعاوى المجردة, والأقوال الفارغة.


وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءون(14)


هذا من قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
وذلك أنهم إذا اجتمعوا بالمؤمنين, أظهروا أنهم على طريقتهم, وأنهم معهم, فإذا خلو إلى شياطينهم - أي كبرائهم ورؤسائهم بالشر - قالوا: إنا معكم في الحقيقة, وإنما نحن مستهزئون بالمؤمنين بإظهارنا لهم, أنا على طريقتهم.
فهذه حالهم الباطنة والظاهرة, ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.



اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)


وهذا جزاء لهم, على استهزائهم بعباده.
فمن استهزائه بهم, أن زين لهم ما كانوا فيه من الشقاء والأحوال الخبيثة, حتى ظنوا أنهم مع المؤمنين, لما لم يسلط الله المؤمنين عليهم.
ومن استهزائه بهم يوم القيامة, أن يعطيهم مع المؤمنين نورا ظاهرا, فإذا مشي المؤمنون بنورهم, طفئ نور المنافقين, وبقوا في الظلمة بعد النور متحيرين, فما أعظم اليأس بعد الطمع.

يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ
الآية.
قوله
وَيَمُدُّهُمْ
أي يزيدهم
فِي طُغْيَانِهِمْ
أي: فجورهم وكفرهم
يَعْمَهُونَ
أي حائرون مترددون, وهذا من استهزائه تعالى بهم

تعليقات