رسال الي فرعون اخر الزمان مبارك

إن موسى عليه السلام قد قاتل قتالاً برياً وبحرياً وميدانياً وعلمياً، كل ذلك من أجل رفع راية التوحيد وإقامة دين الله على أرضه، وقد جاهد مثله صلى الله عليه وسلم، ولقي أصحابه كثيراً من العناء وأتى بعدهم التابعون فكان لهم نصيب؛ لأن البلاء كأس لابد من شربه لمن سلك طريق الدعوة إلى الله.
قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:49-52]
موسى عليه السلام يقاتل قتالاً برياً وبحرياً، ويصارع صراعاً ميدانياً وعلمياً وعملياً، يرسله الله إلى فرعون في ديوانه وإيوانه وقصره، فيجعل معه أخاه هارون وزيراً، لماذا يجعل هارون معه؟
ما هو السر وما هو السبب؟

لأن هارون أفصح منه لساناً، موسى صاحب الرسالة ولكن هارون فصيح، موسى كان (أدرم) يأكل بعض الكلمات، ولا تتضح الكلمات التي ينطقها، ولكن هو أفضل من هارون بلا شك، والعجيب أن بعض المؤرخين قالوا: هارون أكبر من موسى بسنة! ولكن نعمة الله ورعايته وولايته وعطاءه جعلت النبوة والرسالة في موسى، ثم جعل ذلك في فضله ورحمته وعطائه حتى يقول الله له: اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى [طه:24].

قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي [طه:25] أمر كليف صعيب وكأنه يحمل الجبال على كتفيه، وهل هذا أمر سهل؟

تصور أنك راعي غنم فقير، ومعك ضأن وعصا تهش بها على غنمك، عليك ثياب صوف، تدخل على طاغية من طغاة الدنيا كحكام مصر وحرسه -كما قال أهل العلم- معه ستة وثلاثون ألفاً عند الحدائق، وعند مداخل مصر فكيف تصل إليه؟ قال: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي [طه:25-27] أي: يا رب أنت تدري أن لساني يتلعثم، ما هو السبب؟
قالوا: لما عرضت له التمرة والجمرة أخذ الجمرة ووضعها على لسانه فأصابت لسانه وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي [طه:27-28] قال الحسن البصري : [[رحم الله موسى، ما سأل إلا أن تحل عقدة واحدة من لسانه! ]] فقط بمجرد أن يفهموا قولي، ما قال: أكن خطيب مصر ولا أديبها ولا متكلمها، إنما ليفقهوا قولي فقط.

ثم قال: وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي [طه:29] وزيراً يساعدني ويكون من أهلي؛ لأنه لو كان من غير أهلي ربما يكون حاسداً أو عدواً أو حاقداً، ثم عينه باسمه؛ لأن أهله كثير، كبار وصغار وأبناء عمومة وأقارب هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه:30-32] -لماذا؟- كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً [طه:33] -الاثنان يسبحان أكثر من الواحد- وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً [طه:34] -هو يذكرني وأنا أذكره- إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً [طه:35].

فأتى الجواب مباشرة قال: قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى [طه:36] لم يقل أسئلتك؛ لأنها سهلة في علم الله إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82] هذه الأسئلة مجرد سؤال قال: قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى[طه:36].

ثم قال له وكأن الخطاب يقول: لا تنس أننا أعطيناك والأيادي التي منحناك قال: وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى [طه:37].

ثم أورد قصة فيها مذكرات حياته في الأربعين سنة يقول: وفعلنا بك كذا وكذا وكذا.

فلما أصبحا في الطريق؛ أوصاهما الله بأدب الدعوة قال: فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه:44] انتبهوا من الخبيث! عليكم بالأسلوب السهل ولين الخطاب، لأنه رجل فاجر، والله يعلم في علم الغيب أنه لا يؤمن، الله كتب عليه أنه من أهل النار: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [الأنفال:23].



صباح الحرية صباح الأمل في تغير لا في تخريب

صباح العزة والكرامة
لكل الشعوب العربية أتمنى دعاء لجميع شعب مصر أن يحقق الله له الحرية والكرامة التي يحلم بها كل مواطن عربي شريف يرفض الظلم والقهر .

الله عز وجل يؤيد موسى


موسى وهو في الطريق بعد أن بدأت فرائصه ترتعد من سيوف وخناجر ورماح وجند وجيش وأسطول فرعون وهامان وقارون ، دنيا وقصور مدلهمة ونار مظلمة!! قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى [طه:45] والله أعلم بفرعون رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا [طه:45] أي: يستعجل بالعقوبة، نريد أن نتكلم ونسمعه الحجة لكنه لن يتركنا نتكلم أَوْ أَنْ يَطْغَى [طه:45] أي: يزيد في العقوبة، بدل أن يجلدنا مائة سوط فسوف يجلدنا خمسمائة سوط.

قال الله -وما أحسن العبارة!-: قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46] لا إله إلا الله! أنتم في إيواني وعلمي وأنا معكم، أنتم في الصحراء وأنا معكم، أنتم في البحر وأنا معكم بعلمي: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا [المجادلة:7] الله معك بعلمه ونصرته وإحاطته وشهوده أينما كنت.

فالزم يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان


يا حافظ الآمال أنتت حميتني ورعيتني


وعدا الظلوم علي كي يجتاحني فمنعتني


فانقاد لي متخشعاً لما رآك نصرتني 



قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46] ثم قص عليه القصة، دخل، تكلم، انتهى الحوار وشاهدنا قصته يوم خرج.

موسى ومن آمن معه يهربون

جاء في الليل المظلم وقال موسى لبني إسرائيل: لا تخبروا أحداً، غداً سوف نرتحل ونهاجر من مصر ؛ لأن فرعون عذبنا وسوف يقتلنا، فإنه قال للسحرة: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى [طه:71] أسلم السحرة وسجدوا لله، ففرعون إذاًَ سوف يجزرهم جزراً، فقال موسى: الصباح الصباح، قبل أن يطلع الفجر ليكن الكل متهيئاً، كم كانوا؟

قال ابن جرير الطبري : كان بنو إسرائيل ستمائة ألف، اثنا عشر سبطاً (قبيلة)كل سبط خمسون ألفاً.

بنو إسرائيل أهل سرق ومرق إلا من آمن منهم، يحبون الخيانة، استعاروا الحلي من آل فرعون في الليل، كما يقال في المثل: (إذا كنت رايح كثر من الفضائح) فاستعارت كل جارة يهودية حلي جارتها من القبطيات المصريات، ثم مضوا مع الفجر.

قال ابن عباس : فمات كل بكر لكل مصري ولد له مولود، فاشتغلوا بدفنهم في ذاك الصباح لكي يتأخروا، ولذلك يقول تعالى في كتابه: فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ [الشعراء:60] أي: ما أتوا إلا مع شروق الشمس، أراد فرعون أن يخرج مع الفجر من المدينة وقال: انتبهوا علينا أن نذهب وراءه! فمكثه الله ولبثه بقضاء وقدر فتأخر حتى طلعت الشمس.

قطع موسى نصف المرحلة من الطريق يريد فلسطين ، وفرعون خرج من مصر بالجيش وراءه، قيل كان معه ألف ألف أي: مليون مقاتل، وأما موسى فإن معه الأطفال والنساء والبنات من بني إسرائيل -على موسى وعلى هارون السلام- فلما أصبحوا في الصحراء التفت موسى، وكان دائماً كلما مضى قليلاً يلتفت وراءه، فهو يعرف أن هذا الخبيث سوف يتابعه ولن يتركه، وفجأة وإذا بالجيش أشرف كالجبال.. أين يلتفت؟ هل يلتفت إلى واشنطن أو موسكو ؟ أو يقدم مذكرة إلى هيئة الأمم المتحدة ؟ بل يلتفت إلى الله.. أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62] فقال: يا رب.. قال: قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى[طه:68] هذا هو الموعد الثالث، يقول: نحن أرسلناك، إذاً نحن نضمن سلامتك فلا تخف، ولماذا تخف؟

من الذي يحمي؟

من الذي يرعى؟

من الذي يهدي؟ 


من الذي يسدد إلا الله، فلا تخف، فلم يخف ومشى، وبعد قليل أصبح بنو إسرائيل تصطك لحاهم؛ لأن الخوف داخلهم والعرق يتصبب.. قالوا: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [الشعراء:61] فتوقفوا عند البحر ونظروا وإذا بالجيش يقترب منهم قال موسى: كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء:62] يقول: أنا أسير بقوة الله، لا تخافوا فالنصر معي بإذن الله.

اللهم يا ناصر المستضعفين ومجير المستغيثين وملاذ الخائفين

اللهم إنا عبادك في مصر مستضعفين مقهورين

اللهم انصرهم بنصرك وارحمهم برحمتك

اللهم قوي قلوبهم ووحد صفوفهم وكن معهم يا الله

اللهم إنهم ضعفاء فقوهم مكسورين فاجبرهم

اللهم اظهر لهم الحق واصلح حالهم لما تحبه وترضاه

اللهم كن لهم عونا وناصرا ومعين ياقوي يا عظيم

اللهم احمهم واحفظهم وارعهم بعينك التي لا تنام يا ارحم
الراحمين

اللهم ايدهم بنصرك ياعزيز يا جبار

واجعل الدائرة على من أراد السوء بهم و بالمسلمين

اللهم آمين آمين آمين