صدق الكلام في العمل العام

صدق الكلام في العمل العام

الكاتب: شفيق الدويك - مستشار تخطيط استراتيجي

عندما تفكر مجموعة من الناس في تأسيس رابطة ، أو جمعية، أو اتحاد، أو نقابة، فإن كل فرد من أفراد المجموعة يكون متحمسا للفكرة، ويتخيل (على الورق)   سهولة منقطعة النظير في تحقيق جميع الأهداف المعدة سلفا وبأقصر وقت ممكن.

وعندما يجتمع الناس الإجتماع الكبير،

(1) فإن كل فرد يحلم بأن يكون هو الرئيس أو نائب الرئيس أو عضوا في الهيئة التحضيرية، وهي الهيئة الإدارية الأولى والتي تسبق الهيئة الإدارية الرسمية التي تنتخب بصورة رسمية، وتكون مهمة الهيئة التحضيرية، كما هو معلوم، بلورة الأهداف والنظام الداخلي للكينونة والإعداد لرسم مقاعد الهيئة الإدارية ومن ثم إجراء الإنتخابات.

(2) تحدث بين الأفراد في الأسرة الواحدة بصورة شبه يومية خلافات، ومجادلات، ونقاشات، (وهوشات أو طوشات)، بسبب إختلاف الشخصيات، وصعوبة الحياة. (3) كل شخص مختلف عن الآخر في الشكل والمضمون. بعبارة أخرى، لكل فرد سمات، وأسلوب حياة، وأشياء يحبها، وأخرى يمقتها، وتتفاوت طرق الإدراك عند كل فرد تماما مثلما تتفاوت العقد النفسية والحاجات البدنية.

(3) يبدأ تخزين كميات من الغيرة والحسد والغل والخلاف والمعارضة، من قبل معظم المشاركين في تشكيل الكينونة، مباشرة بعد أن يصبح الأمر جدي. هذا ويتدخل من منحهم الخالق سبحانه وتعالى سمة التواضع والزهد والنضج المبكر والحكمة والإتزان لتسوية الخلافات والنزاعات وغربلة الأفكار والطروحات غير المناسبة.

(4) ينسحب بعض الذين لا يجدون لأنفسهم مراكز في الهيئة الأولى، أي التحضيرية، ويقرر البعض تأجيل الإنسحاب، فيما يؤثر البعض البقاء ضمن ما يعرف بالهيئة العامة والتخريب لإثبات فشل من اختارهم الناس.

(5) المثير في المسألة هنا، هو أن معظم الناس تعتقد بأهليتها وجدارتها وتفوقها على غيرها، وعدم أهلية وجدارة الآخرين، فتتقدم للترشح، فلا تنال الا صوتها. (6) والمثير كذلك، أن بعض الذين يفوزون (من الأونطجية) لا يعملون بعد الفوز، لأن هدفهم الأساسي هو الظهور وليس العمل من أجل الصالح العام .

لهذا، فإن العمل العام في العالم العربي ، على وجه الخصوص، هو عمل متعب للغاية، ليس بسبب حجم العمل، بل بسبب التفرغ لحل مشاكل الذين يضعون العصا في الدولاب.

#شفيق_الدويك ۱-۱-۲۰۱۵